لأول مرة بشكل رسمي.. المغرب يطرح حق تقرير مصير شعب القبائل المحتل من قبل الجزائر
الكاتب :
"الغد 24"
في خطوة حاسمة وحازمة، الأولى من نوعها، ردّ السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، بقوة، على مكر واستفزازات وزير الخارجية الجزائري الجديد، رمطان العمامرة، أمام اجتماع حركة عدم الانحياز...، حين فاجأه بنفس سلاحه، وهو الدفاع عن حق تقرير المصير، مطالبا بحق تقرير المصير لشعب القبائل، ما يعكس تحوّلا متدرّجا في مواجهة التدخّلات الجزائرية العدائية...
جاء ذلك في إطار ممارسة المغرب لحق الرد على إثر التدخل الاستفزازي لوزير الخارجية الجزائري الجديد رمطان لعمامرة، خلال المناقشة الوزارية العامة في اجتماع حركة عدم الانحياز، الذي عقد بشكل افتراضي يومي 13 و14 يوليوز 2021، إذ حرص السفير الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، عمر هلال، على الرد بالتفصيل، على كافة الادعاءات الجزائرية بشأن قضية الصحراء المغربية، وهذا ما سنتعرض له هنا، على أساس أن نختم بموضوع شعب القبائل...
ففي مذكرة وجهها إلى الرئاسة الأذربيجانية للحركة، ووُزّعت على جميع الأعضاء، أعرب الدبلوماسي المغربي عن استغرابه الشديد لاختيار الوزير الجزائري، الذي تطرق لموضوع قضية الصحراء المغربية خلال "أول تصريح له في محفل دولي، منذ تعيينه مؤخرا" على رأس دبلوماسية بلاده، شدد هلال على أن قضية الصحراء المغربية "التي تندرج حصرا ضمن اختصاص مجلس الأمن الدولي، لم تكن مدرجة على جدول أعمال الاجتماع، ولا ترتبط بموضوعه".
وأبرز السفير أن الغالبية العظمى من الوزراء ركزوا، في الواقع وبشكل حصري، على الجهود متعددة الأطراف لمواجهة التحديات العالمية الملحة، ولاسيما الانعكاسات الصحية والاجتماعية والاقتصادية لوباء كوفيد-19.
وردا على ما سمي بـ"استئناف النزاع العسكري"، الذي أثاره الوزير الجزائري، شدد هلال على أن "هذا الوهم موجود فقط في البلاغات الدعائية للجماعة الانفصالية المسلحة (البوليساريو) وقصاصات وكالة الأنباء الجزائرية"، مشددا على أنه رغما عن وزير الخارجية الجزائري، فإن الوضع في الصحراء المغربية هادئ ومستقر، كما هو مسجل في التقارير اليومية لبعثة المينورسو، وكما تؤكد ذلك وسائل الإعلام الدولية".
وبعد أن أبرز أن تصريح وزير الخارجية الجزائري "بعيد تماما عن الواقع على الأرض في الصحراء المغربية"، ذكر السفير المغربي، بأن السكان في الأقاليم الجنوبية للمغرب "يعيشون في طمأنينة وسلام ويشاركون على نحو تام في التنمية الاجتماعية والاقتصادية للمنطقة، وكذا في الحياة السياسية".
وأشار عمر هلال إلى أن "اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه، يعززه فتح 22 قنصلية عامة لدول أعضاء في حركة عدم الانحياز بمدينتي العيون والداخلة".
وردا على دعوة الوزير الجزائري لتعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام إلى الصحراء المغربية، لاحظ السفير هلال أن "الجزائر وجماعة البوليساريو الانفصالية المسلحة التي خلقتها، رفضتا عدة مرشحين اقترحهم الأمين العام للأمم المتحدة"، مضيفا أن "الجزائر وجبهة البوليساريو يتحملان المسؤولية عن التأخير في تعيين مبعوث شخصي جديد للأمين العام".
وردا على رغبة وزارة الخارجية الجزائرية في مسلسل أممي "ذي مصداقية"، أشار عمر هلال إلى أن "هذه المصداقية كرستها الموائد المستديرة كمسلسل، وفقا لقرارات مجلس الأمن 2440 و2468 و2494 و2548". وأضاف السفير المغربي أن ما أخفاه العمامرة عن قصد، هو أن "الجزائر لا يمكنها التنصل من مسؤوليتها، التي تحملتها في نهاية المطاف من خلال مشاركتها كطرف في الموائد المستديرة منذ 2018".
وسجل الدبلوماسي المغربي أن الوزير الجزائري "لن يتمكن من إقناع أعضاء حركة عدم الانحياز على نحو ماكر بمحاولة تقليص الخلاف الإقليمي حول الصحراء المغربية في طرفين. فالجزائر هي، وستبقى كذلك، الطرف الرئيسي والمسؤول عن استمرار هذا النزاع، منذ أكثر من أربعة عقود، من خلال الجماعة الانفصالية المسلحة"، مشددا على أنه لهذا السبب، جدد مجلس الأمن الدولي، التأكيد في قراراته المتعاقبة منذ عام 2018، على مسؤولية الأطراف الأربعة في الموائد المستديرة، ومن بينها الجزائر، وعلى المشاركة التامة ومواصلة الالتزام، من خلال البرهنة عن الواقعية وروح التوافق، طوال مدة المسلسل السياسي إلى غاية نهايته".
ومن جهة أخرى أعرب هلال عن أسفه لكون الوزير الجزائري يطالب بالحق في تقرير المصير لما يسمى بـ"الجمهورية الوهمية المعلنة من جانب واحد بالعاصمة الجزائرية، في خرق للقانون الدولي".
كما أشار هلال إلى أن "هذه الجمهورية الوهمية ليست سوى كيانا وهميا اصطنعته الجزائر ومولته وسلحته من أجل تنفيذ أجندتها الجيوسياسية الإقليمية"، مضيفا أن هذه الجمهورية المزعومة لا تحظى بأي اعتراف "لا بحكم الواقع ولا بحكم القانون"، و"لا من قبل مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، ولا في الجمعية العامة، ولا في حركة عدم الانحياز، ولا بمجموعة السبعة السبعين + الصين، ولا بمنظمة التعاون الإسلامي، ولا بجامعة الدول العربية ولا بالمنظمة الدولية للفرنكوفونية ولا في اتحاد المغرب العربي".
وخلص الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة إلى القول إن الوزير الجزائري، الذي "يقف كمدافع قوي عن حق تقرير المصير، ينكر هذا الحق نفسه لشعب القبائل، أحد أقدم الشعوب في إفريقيا، والذي يعاني من أطول احتلال أجنبي". وأضاف أن "تقرير المصير ليس مبدأً مزاجيا. ولهذا السبب يستحق شعب القبائل الشجاع، أكثر من أي شعب آخر، التمتع الكامل بحق تقرير المصير".
وهذه أول مرة يعبر فيها المغرب عن هذا الموقف، بكل وضوح، من مسؤول ديبلوماسي عالي المستوى... إذ سبق للمغرب أن أثار هذا الملف، في نونبر 2015، من خلال عمر ربيع، عضو اللجنة الدائمة الممثلة للمغرب في الأمم المتحدة، الذي دعا لمساعدة منطقة القبائل في الحصول على حكم ذاتي أو الاستقلال، موردا "يجب أن يُستمع للشعب القبائلي وأن تُحقق مطالبه، وعلى المجتمع الدولي أن يُساعده في ذلك وترافقه في مشروعه السياسي الذي يجب أن يؤدي إلى الحكم الذاتي أو الاستقلال". لكن هذه المرة، جاء طرح الملف من قبل الممثل الدائم للمغرب لدى الأمم المتحدة، ما يؤشّر إلى أن الملف بات سالكا بيد رئيس الديبلوماسية المغربية، ناصر بوريطة، للدفاع عن ضرورة إدراجه ضمن أجندة المنتظم الدولي...