الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

قليلا من الحياء وكثيرا من التاريخ

 
إبراهيم كزوزي
 
 
حينما توحّد حزب منظمة العمل الديمقراطي الشعبي مع تنظيمات يسارية ينتمي بعضها لمؤسسي اليسار الجديد أو اليسار السبعيني، الذي عانى من ويلات سنوات الرصاص، ومع التنظيمين اللذين نشآ في الجامعة على أنقاض الجبهة الموحدة للطلبة التقدميين، اختلفت أسماؤهم بين المستقلين والحركة من اجل الديمقراطية وبعض القاعديين، قرر الجميع إسناد الأمانة العامة لحزب اليسار الاشتراكي الموحد إلى الوافدين على منظمة العمل، وهم أحمد حرزني أمينا عاما ومحمد مجاهد نائبه، ليصبح النائب هو الأمين العام الفعلي بعدما انسحب حرزني بهدوء من مسؤوليته التنظيمية.
 
في المؤتمر الثاني، يعاد اختيار محمد مجاهد أمينا عاما لولايته الثانية، والتي ستؤول في المؤتمر الثالث إلى نبيلة منيب الأمينة العامة الحالية.
 
غرابة الأحداث الحالية، والتي ابتدأت قبيل انعقاد المؤتمر الرابع، هو محاولة من كان أمينا عاما لولايتين أن يستمر في الولاية كأب وصي على الحزب وعلى أمينته العامة ربما لأنها امرأة في حاجة إلى ولي أمرها، ولم أجد أي تفسير آخر لأمين عام سابق يفرض رأيه بكل الوسائل بما فيها الاستنجاد بالخارج، علما أنه كان عضوا في المكتب السياسي السابق.
 
بروز الخلاف بين أعضاء المكتب السياسي السابق في عهد الولاية الأولى للأمينة العامة الحالية هو حينما رفضت مجموعة مجاهد قبول التغييرات، التي وقعت في أرضية الأغلبية بعد نقاش الفروع لها ورفضوا التوقيع عليها لكونها لا تتضمن عبارة ''ينعقد المؤتمر الرابع ليقرر الاندماج ويحل نفسه...''، مما يعني أن قرار الاندماج متخذ قبل المؤتمر الوطني الرابع، وما على هذا الأخير إلا أن يصفق كما لو كان المؤتمرون بيادق يتم تحريكهم قبليا ويحيل الهيئات التنظيمية مثل المؤتمر إلى مجرد آلية شكلية...
 
رفض التوقيع على الورقة بعد حذف هذه العبارات المشينة والمخلة بالديمقراطية يعني مما يعنيه رفضهم الانتماء إلى الأغلبية.
 
الغريب في الأمر هو التحاق فريق الساسي، الذي شارك في تحرير وتصحيح ورقة الأغلبية في صيغتها النهائية كما قدمت للمؤتمر بفريق من رفض موافقته عليها قبل المؤتمر، فريق الساسي الذي زكى ورقة الأغلبية والطريقة التي تناولت بها قضية الاندماج بالتوقيع عليها وبمشاركة أعضاء من فريقه في المكتب السياسي الحالي. فريق مجاهد وفريق الساسي، اللذان اختلفا قبيل المؤتمر الرابع حول قضية الاندماج كما كانت واردة في ارضية الأغلبية المقدمة للمؤتمر، سيجتمعان من جديد كقدماء الاتحاد الاشتراكي للالتحاق بالجناح النقابي في نفس الحزب، الذي يمثله الأمويون أو ما يعرف بحزب المؤتمر الاتحادي.
 
منذ التجميع الأول والثاني، أي منذ أكثر من 18 سنة، لم يطالب ما يسميه البعض بقدماء منظمة العمل بمناصب القيادة، وتركوا الأمر لما يمكن تسميته بالوافدين الآخرين كما يتضح مما سردت أعلاه من وقائع.
 
منطق الزعامة ومنطق ''التوحيد'' للزعامة لم يكن قط من شيم من يُتهَمون الآن بالاستفراد في التسيير، في الوقت الذي تبدو ملامح وصفات الأموية والنقابوية في فريق المنسحبين ليخرج بعضهم لا كما دخلوا.
 
تلفيق التهم وتزيين الأكاذيب والتلاعب بالشباب هي أساليب دنيئة لا تمت للفكر اليساري بصلة إلا إذا كانت اليسارية هي التهافت على المناصب والاستحواذ عليها بناء على التضليل وغرس قيم الشيخ والمريد.
 
ريع المناصب في النقابة، التي تغيب فيها كل القيم اليسارية وحتى الليبرالية، ويسود فيها منطق الشيخ ومريده في نظام حكم شبه وراثي، لا يمكن أن يقدم اليسار ولا اليسارية بقدر ما يزكي نظام الزاوية ويربي القطيع فكرا وممارسة...