المجلس الوطني لحقوق الإنسان لدى إطلاق وحدة حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف روافده
المصطفى المريزق: المجلس الوطني لحقوق الإنسان وبراديغم الذاكرة الجمعية
الكاتب :
"الغد 24"
المصطفى المريزق
صونا للتاريخ المغربي بمختلف روافده ودعم إعماله بالمناهج والمقررات التعليمية تفعيلا لتوصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ذات الصلة في إطار رؤية استراتيجية تميز بين الممكن في حينه وبين ما كان من اللازم اتخاذه من تدابير أكاديمية ولوجستيكية ضرورية، تم، يوم الثلاثاء 25 ماي 2021، بمقر أكاديمية المملكة بالرباط، إطلاق "وحدة حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف روافده"، وذلك خلال حفل نظمه المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وتأتي هذه المبادرة الأولى من نوعها في تاريخ المغرب، تجسيدا لمسار التطور الذي يعيشه المشهد الحقوقي ببلادنا، والمساهمة في بناء مغرب المستقبل (كما نحلم به) عبر تعزيز البناء الديمقراطي وانغراس فعلية جديدة من أجل تكريس حقوق الإنسان في الدولة والمجتمع.
والذاكرة باعتبارها ظاهرة مجتمعية وليست مجرد إرث بيولوجي وسياسي وثقافي (المقاربة السوسيولوجية للذاكرة انطلاقا من هالفباكس ومرورا بجاك لوغوف وبيير نورا... إلخ)، رغم فردانيتها، فهي ذات طبيعة مشتركة، ومن ثم فهي جمعية، وذلك حينما يذكرنا بها المجتمع المحيط بنا.
إن إطلاق المجلس الوطني لحقوق الانسان لـ"وحدة حفظ الذاكرة والنهوض بالتاريخ المغربي بمختلف روافده"، هو تبني فعلي وحقيقي لـ"الذاكرة الجمعية" كأحد أهم براديكمات العلوم الإنسانية والاجتماعية، الذي يميز بين نمطين من أنماط التذكر، هما: التذكر الفردي والتذكر الجمعي، تفعيلا للحق في الحقيقة وواجب الذاكرة، وذلك احتراما وتطبيقا للمادة 69 من النظام الداخلي الجديد للمجلس، وضمان تفعيل أشغال لجنة متابعة هيئة الإنصاف والمصالحة بخصوص التوصيات ذات الصلة بحفظ الذاكرة والاهتمام بالتاريخ (لما شهده هذا الملف من جمود وتعثر في السابق).
وتأتي هذه المقاربة الجديدة للمجلس، لاعتماد قراءة موضوعية لماضي الانتهاكات، من خلال العمل الرصين والدؤوب في مجالي الذاكرة والتاريخ، في علاقتهما بحقوق الإنسان، نظرا لحاجتنا لبناء صورة شاملة ومتعددة ومتفاعلة الأبعاد (سياسية ومدنية واقتصادية واجتماعية وثقافية)، والتي تتطلب جهدا أكاديميا وفكريا ومناهج بحثية مختلفة ومقاربات علمية ضامنة للموضوعية، والقابلة للإعمال على مستويات الديمقراطية وحقوق الإنسان.
إن تحصين مغرب المستقبل (الذي نؤمن به) من تكرار ما حدث في الماضي من انتهاكات جسيمة، هو تكريم لهيئة الإنصاف والمصالحة، وعل رأسها الراحل إدريس بنزكري، وهو إشادة واسعة بمجهودات المجلس الوطني لحقوق الإنسان برئاسة الأستاذة آمنة بوعياش.