الجزائر.. طوفان الحراك الشعبي يطالب بإسقاط نظام الجنرالات والأمم المتحدة تدخل على الخط
الكاتب :
"الغد 24" والوكالات
خرج مئات آلاف الجزائريين، في مسيرة مليونية، في العاصمة الجزائر، للجمعة الثانية على التوالي، إلى الشوارع للمطالبة بتغيير جذري لنظام الجنرالات، وإسقاط مخابرات عبلة الإرهابية، وبناء دولة مدنية ماشي عسكرية...
وشوهد طوفان بشري يسير على طول شارع عبان رمضان ثم شارع عسلة حسين، نحو ساحة البريد المركزي مهد الحراك الشعبي. كما انطلقت مسيرة ثانية أكبر ضمت مئات الآلاف من شارع ديدوش مراد، الشارع الأكبر وسط العاصمة.
وانتشرت قوات الشرطة على طول مسار التظاهرة، كما بدأت مروحية في التحليق فوق العاصمة منذ منتصف النهار. وبدا جليا أن الانتشار المكثف لمختلف قوات الأمن لم يستطع ثني المواطنين عن النزول إلى شوارع الجزائر العاصمة وفي مدن أخرى، وأبان المتظاهرين عن إرادة صلبة، في هذه الجمعة السابعة بعد المائة، من المظاهرات والمسيرات...
وتنفيذا لأوامر "مخابرات عبلة"، قطع الفاعلون الثلاثة في مجال الاتصالات، بشكل تام، خدمة الانترنت من الجيل الرابع بالجزائر العاصمة والمدن الأخرى، لمنع المتظاهرين والصحافيين من بث أشرطة فيديو المسيرات على شبكات التواصل الاجتماعي...
وندد المتظاهرون بمشروع قانون عرضه وزير العدل الجزائري، بلقاسم زغماتي، الذي أراد تهديد الجالية الجزائرية في الخارج، بسحب جنسية كل من يشارك في تظاهرات مناهضة لنظام الجنرالات، فهتفوا بشعارات "الدولة الإرهابية، جردونا من الجنسية"، و"ما تخوفوناش بالجنسية، حنا ربتنا الوطنية"، كما ردد المتظاهرون الشعارات المعتادة للحراك، المطالبة بـ"دولة مدنية ماشي عسكرية"، و"الاستقلال"، و"جزائر حرة وديمقراطية"، و"قلنا العصابة تروح، يا حنا يا انتوما"، و"مخابرات إرهابية، تسقط المافيا العسكرية"، و"تبون مزور جابوه العسكر، فاقدة للشرعية، الشعب تحرر هو اللي يقرر دولة مدنية"، و"بغينا نحّيو العسكر من المرادية"، و"الجنرالات إلى المزبلة"، و"الجزائر ستنال استقلالها"...
كما ندد المتظاهرون بالتعذيب الذي أكد معتقلو الرأي أنهم تعرضوا له عقب إيقافهم من قبل مصالح الأمن...
كما تظاهر آلاف الجزائريين في بجاية، والبويرة، وتيزي وزو، ووهران، والعديد من المدن الجزائرية، للتعبير عن غضبهم وللمطالبة بإسقاط نظام الجنرالات...
وخرجت الحشود إلى شوارع هذه المدن للمطالبة بتغيير جذري والتعبير عن رفضها لأجندة النظام.
الأمم المتحدة تدعو الجزائر إلى وقف فوري
للاعتقالات التعسفية وللعنف ضد المتظاهرين
أعربت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اليوم الجمعة 5 مارس 2021، عن "قلقها البالغ إزاء تدهور وضعية حقوق الإنسان في الجزائر واستمرار حملة القمع المتزايدة ضد أعضاء الحراك المناصر للديمقراطية"، مشددة على أن مقتضيات القانون الجنائي الجزائري، التي تمت صياغتها بشكل مبهم، يتم توظيفها لتقييد حرية التعبير ومتابعة الأشخاص الذين يعبرون عن آراء معارضة.
وأكد المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، روبرت كولفيل، في بلاغ "إننا نشعر بقلق بالغ إزاء تدهور وضعية حقوق الإنسان في الجزائر، واستمرار القمع المتزايد ضد أعضاء الحراك المناصر للديمقراطية".
وقال روبرت كولفيل إن المظاهرات، التي استمرت افتراضيا عقب تفشي وباء كوفيد-19، استؤنفت في الشوارع خلال الأسابيع الأخيرة، حيث كان رد فعل السلطات بنفس المنهجية القمعية للعامين 2019 و2020.
وأشار المتحدث باسم مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان إلى "الكثير من الحالات في جميع أرجاء البلاد، حيث قامت قوات الأمن باستعمال قوة غير ضرورية أو مفرطة ونفذت اعتقالات تعسفية غايتها قمع الاحتجاجات السلمية"، مضيفا أنه "بناء على معلومات موثوقة، جرى اعتقال مئات الأشخاص منذ استئناف الاحتجاجات في 13 فبراير 2021".
وذكر المسؤول الأممي بأن هذه التطورات تأتي في أعقاب أحداث سنتي 2019 و2020، والتي تم خلالها احتجاز أو اعتقال ما لا يقل عن 2500 شخص على خلفية نشاطهم السلمي.
وإلى جانب ذلك، يضيف كولفيل، استمرت الملاحقات الجنائية في العامين 2019 و2020 ضد النشطاء، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والطلبة، والصحافيين، والمدونين والمواطنين العاديين خلال الشهرين الأولين من سنة 2021.
وأكد روبرت كولفيل أنه تم القبض على صحفيين بتهمة تغطية الحركة الاحتجاجية أو الإخبار عنها، فيما جرى حظر 16 وسيلة إعلامية إلكترونية مستقلة معروفة بتغطيتها المنتقدة.
وأشار المسؤول الأممي إلى أن مقتضيات القانون الجنائي الجزائري، المصاغة بكيفية غامضة، توظف من أجل التقييد غير المبرر لحرية التعبير ومتابعة الأشخاص الذين يعبرون عن آراء مخالفة. وقال إنه وفقا لمعلومات موثوقة، جرت محاكمة نحو 1000 شخص لمشاركتهم في الحراك أو نشرهم رسائل على شبكات التواصل الاجتماعي تنتقد الحكومة.
وأضاف روبرت كولفيل "حسب المعلومات نفسها، هناك ما لا يقل عن 32 شخصا محتجزون حاليا لممارستهم حقوقهم الإنسانية بكيفية مشروعة، وبعضهم يواجه أحكاما طويلة فيما لا يزال آخرون رهن الاعتقال الاحتياطي".
وتابع روبرت كولفيل "توصلنا أيضا بأخبار عن التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاعتقال، بما في ذلك ممارسة العنف الجنسي"، داعيا "السلطات الجزائرية إلى الكف عن اللجوء إلى العنف ضد المتظاهرين السلميين ووقف الاعتقالات والاحتجاز التعسفي".
وقال المسؤول الأممي "نحث السلطات الجزائرية على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين أو المحتجزين تعسفيا، لدعمهم الحراك، وإسقاط جميع التهم الموجهة لهم".
ودعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أيضا "السلطات الجزائرية إلى إجراء تحقيقات سريعة ونزيهة وفعالة في جميع مزاعم التعذيب وسوء المعاملة أثناء الاعتقال، ومحاسبة جميع المسؤولين وضمان ولوج الضحايا إلى التعويضات".
كما دعت السلطات الجزائرية إلى إلغاء المقتضيات القانونية والسياسات المتبعة لمتابعة من يمارس حقه في حرية الرأي والتعبير والتجمع السلمي.