الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
بورتريه لكامالا هاريس

كامالا هاريس والصعود إلى القمة.. ابنة مهاجرين التي أصبحت أول نائبة رئيس في تاريخ الولايات المتحدة

 
فاروق العلمي
 
قبل أن تكون أول امرأة تشغل منصب نائبة رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، كانت كامالا هاريس، أول امرأة ذات بشرة سوداء يتم انتخابها لمنصب مدعي مقاطعة في كاليفورنيا، وأول امرأة تشغل منصب المدعي العام في كاليفورنيا، وأول عضو في مجلس الشيوخ من أصل هندي.
ولدت كامالا هاريس في 20 أكتوبر 1964 في "أوكلاند" بكاليفورنيا. والدتها، شيامالا جوبالان، مهاجرة من أصل هندي، اشتغلت كأستاذة باحثة متخصصة في سرطان الثدي، في حين عمل والدها دونالد هاريس، من أصل جامايكي، أستاذا للاقتصاد، لتجسد بذلك ابنة المهاجرين، بالفعل الحلم الأمريكي.
انفصل والدا هاريس عندما كانت في سن السابعة من عمرها، وتكفلت أمها بتربيتها هي وأختها مايا في "بيركلي".
وجدت هاريس نفسها، منذ طفولتها في قلب الحركة المدنية، حيث كانت من أوائل المستفيدين من برنامج مكافحة الميز العنصري والذي يتضمن تسجيل ونقل الطلاب السود من الأحياء الفقيرة نسبيا إلى المدارس في أحياء لذوي البشرة البيضاء.
كانت تتردد منذ أن كانت طفلة على الكنيسة المعمدانية السوداء والمعبد الهندوسي، حيث زواجت بين أصولها الجنوب أسيوية وهويتها السوداء. كما كانت والدتها تناديها "كامالا" في إشارة إلى كلمة "لوتس" باللغة الهندية القديمة، وهي أيضا أحد أسماء الإله الهندوسي "لاكشمي"، المرادف اسمه للقوة.
كتبت هاريس في سيرتها الذاتية "الحقائق التي نتمسك بها: رحلة أمريكية" ، "كانت والدتي تعي جيدا أنها تربي فتاتين ذواتي بشرة سوداء (...) ، وكانت تصر، بالتأكيد، على أن نصبح نساء ذوات بشرة سوداء واثقات من أنفسهن وفخورات بها".
بعد أن حصلت والدتها على منصب أستاذ في جامعة ماكجيل بكندا، تمكنت هاريس من متابعة دراستها الثانوية بمونتريال، لتلتحق بعد ذلك بجامعة هوارد بواشنطن، حيث حصلت على درجة البكالوريوس في العلوم السياسية والاقتصادية سنة 1986، وبعد ذلك تسجلت في الدراسات القانونية بجامعة كاليفورنيا.
بدأ أول ظهور لها كمدعية في مقاطعة ألاميدا، بكاليفورنيا في 1990، حيث تخصصت في الجرائم المتعلقة بالانتهاكات الجنسية. وفي العام 2003، دخلت غمار الانتخابات كمدعي مقاطعة سان فرانسيسكو ضد رئيسها السابق، تيرينس هاملتون. وقد فازت بهذه الانتخابات في الجولة الثانية بنسبة 56.5 في المائة من الأصوات، لتصبح بذلك أول امرأة ذات بشرة سوداء تشغل هذا المنصب في كاليفورنيا.
من بين أهم ما حققته كامالا هاريس كمدعي مقاطعة، إطلاقها لبرنامج يمنح المدمنين على المخدرات فرصة الحصول على شهادة للتعليم الثانوي والعثور على وظيفة.
وسيدفعها فوزها بفترتين متتاليتين كمدعي مقاطعة، للبحث عن المنصب الاستراتيجي المتمثل في مدعي عام لكاليفورنيا. وفي أعقاب انتخابات جد متقاربة، ستصبح هاريس، مرة أخرى، أول امرأة، وأول امرأة أمريكية من أصل أسيوي تتولى هذا المنصب الرفيع في كاليفورنيا.
وخلال فترة ولايتها كمدعية عامة، نجحت على الخصوص في إبرام صفقة بقيمة 25 مليار دولار لصالح مالكي المنازل المتضررين من أزمة الرهن العقاري. كما تمكنت من إحداث منصة العدالة المفتوحة "Open Justice"، وهي بوابة إلكترونية تتيح بيانات العدالة الجنائية للعموم، وتعزز الشفافية داخل القوات النظامية. وفي سنة 2014، تزوجت من محامي الأعمال في لوس أنجلوس دوغ إمهوف.
وفي سنة 2015، أعلنت عزمها الترشح لمقعد في مجلس الشيوخ الأمريكي. وفي 19 يوليوز نالت دعم باراك أوباما وجو بايدن، ما مكنها بسهولة من الفوز على منافستها الديمقراطية الأخرى لوريتا سانشيز.
وبمجرد وصولها إلى واشنطن، تميزت بشكل سريع باستجواباتها القاسية خلال جلسات الاستماع في مجلس الشيوخ، وخاصة أمام المدعي العام آنذاك جيف سيشنز، حول التحقيق الروسي، أو أيضا أثناء جلسة تثبيت المرشح للمحكمة العليا بريت كافانو.
وفي 21 يناير 2019، أعلنت ترشحها للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي. وعلى الرغم من أدائها القوي في المناظرات الأولى التي كانت قد مكنتها من تحقيق قفزة نوعية في استطلاعات للرأي، إلا أن حظوظها في الفوز تلاشت بسرعة كبيرة. وقد انتقدها بعض الناخبين التقدميين بالخصوص بسبب "صرامتها" ضد الجريمة، أو مواقفها المتناقضة بشأن التغطية الصحية الشاملة.
وبسبب مواجهتها للصعوبات المالية، انسحبت هاريس في 3 دجنبر، أي قبل شهرين من الانتخابات التمهيدية في ولاية أيوا. وفي مارس 2020، أعلنت هاريس دعمها للمرشح جو بايدن بعد فوزه الحاسم على بيرني ساندرز خلال يوم الثلاثاء الكبير.
وكان اسم هاريس متداولا في ذلك الوقت كنائبة محتملة لبايدن. وقد ساهم مقتل جورج فلويد وحركة الاحتجاج المناهضة للعنصرية ووحشية الشرطة التي أعقبت ذلك في إقناع بايدن باختيار امرأة سوداء من قبيل هاريس.
واليوم تمثل أول امرأة نائبة لرئيس الولايات المتحدة مستقبل الحزب الديمقراطي، والمرشحة المفضلة للبيت الأبيض في حالة عدم ترشح بايدن لولاية ثانية عام 2024.