الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الملك الراحل الحسن الثاني يقرأ جريدة في الطائرة

خدعة ملك.. الحارس الشخصي للملك يروي تفاصيل مرعبة عن محاولة قتل الحسن الثاني وكيف نجا بأعجوبة

 
حسن عين الحياة
 
كانت عودة الملك الراحل الحسن الثاني إلى المغرب، بعد عطلة قضاها بفرنسا في صيف 1972 قد تقررت في 14 غشت من السنة نفسها، وكانت هذه العودة هتشكوكية بكل المقاييس.
فخلال ذلك اليوم، كان كل شيء كان على ما يرام، فالملك الذي خرج سالما من مأساة دراماتيكية في 10 يوليوز 1971، يبدو أنه أخذ في نسيان تفاصيل ذلك اليوم الأسود، خاصة وأنه قضى ما يكفي من الوقت بقصره في منطقة "لواز" الفرنسية للراحة والاستجمام.
خلال ذلك اليوم (14 غشت 1972)، يقول أحد الذين رافقوا الحسن الثاني في عطلته تلك، ربما علم الحسن الثاني عن طريق المخابرات الأمريكية أو الإسرائيلية بأنه يجري التحضير لانقلاب، لذلك قرر الملك في آخر لحظة تأخير رحلة طائرة البوينغ 727 التابعة للخطوط الملكية المغربية بيومين.
بمطار "أورلي" في باريس، صدرت أوامر صارمة في الطائرة الملكية بمنع أي مرافق كان، وزيراً أو رئيس أركان أن يحمل معه حقيبة أو حتى محفظة داخل الطائرة.. كان الملك الحسن الثاني جالسا في مقدمة البيونغ 727، بينما يجلس وراءه الأمير مولاي عبد الله والحارس الخاص "رايمون ساسيا" والكولونيل أحمد الدليمي ومحمد المديوري. عموما كانت الطائرة تضم فضلا عن الملك الحسن الثاني وربان الطائرة العقيد محمد القباج، حوالي 15 عنصرا ضمنهم أطباء خاصون للملك ووزراء ومستشارون وعناصر الأمن والكاتب الخاص للملك آنذاك عبد الفتاح فرج.
وعلى الرغم من الشكوك التي حامت حول إمكانية التحضير لانقلاب إلا أن كل شيء كان على ما يرام، لكن بمجرد دخول الطائرة الملكية إلى الأجواء المغربية، حتى حدث ما لم يخطر ببال الملك ومرافقيه.
وحسب "رايمون ساسيا" الذي صاحب الملك في رحلته على متن الطائرة، أنه بمجرد وصول الموكب إلى سماء طنجة، حتى طوقت طائرة الملك سرب من المقاتلات، يقول الحارس الشخصي للملك وقتها رايمون ساسيا "رأيت من نافذة الطائرة مرتين أربع طائرات F4 تمر بجانب البوينغ، ولاحظت أن هذه المقاتلات كانت مصبوغة باللون الكاكي، ولا تحمل لا العلم المغربي ولا رقم هويتها، فكرت في بداية الأمر أن الأمر يتعلق بهجوم ليبي، لأن العلاقات بين الحسن الثاني والقذافي كانت وقتها جد متوترة" يقول ساسيا، قبل أن يضيف في كتابه "فارس الجنرال" الذي خصص فيه 40 صفحة عن المغرب، "بمجرد ما طُلب من الملك ومن الركاب وضع أحزمة السلامة، حتى سمعنا انفجاراً قويا.. إذ أطلقت إحدى الطائرات المهاجمة عدة عيارات من أجل تدمير المحرك الموجود في وسط الطائرة.
ويتابع ساسيا، "بأعجوبة أخطأوا هدفهم لكن الطائرة أصيبت مع ذلك بعدة ثقوب في المؤخرة.. أحد المفتشين قتل على الفور بعد إصابته بعدة عيارات في الصدر، أصبت أنا بعدة شظايا في اليد والرجلين مثل الأمير مولاي عبد الله وعبد الفتاح فرج".
بعد هذا السيناريو، أطلقت صفارات الإنذار.. الملك الحسن الثاني حسب ساسيا لم يتحرك من مكانه.. لم يصرخ وبقي هادئا بشكل لا يصدق، أغمض عينيه وبدأ يصلي.
وفي كتابه "ذاكرة ملك"، خص الحسن الثاني الحادثة بأهمية بالغة، كاشفا على أنه رغم هجوم سرب المقاتلات لطائرته الملكية إلا أنه كان مؤمنا بالنجاة، وبحسب قوله تلا دعاءاً يقول عنه النبي صلى الله عليه وسلم أن من قرأه لم يمت في يومه، حيث ردد الملك "أعود بكلمات الله وبكلماته التامات من شر ما خلق، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم". وحسب ساسيا، كان الملك هادئا "أخذ الأمير مولاي عبد الله يد أخيه وكنا نمسك ببعضنا البعض نحن الأربعة مع المديوري، داخل الطائرة وحولنا الهلع.. الريح كانت قوية وبعض الشخصيات مطروحة في الممر.. واصلت طائرة F4 قصفها وأصابت المحركين الموجودين على طرف الطائرة.. ومن المعجزة أن المحركين المصابين لم ينفجرا، ومن الأعجوبة أيضا أن الربان نجح في الحفاظ على توازن الطائرة وواصل طيرانه".
وسط الضجيج والهلع الكبير، نظر الحسن الثاني الذي لم يكن يفصله عن موت محقق سوى لحظات قليلة جدا نحو حارسه "ساسيا" ومن خلال النظرات فقط حدث تفاهما بينهما، حيث أمر الملك عبر الراديو بأن يعلن موته، آنذاك نقل قائد البوينغ الرسالة فصدق المهاجمون خدعة الحسن الثاني، مما اضطرهم إلى الابتعاد عن الطائرة الملكية، وهكذا هبطت البوينغ بسلام بمطار الرباط سلا..
"بعد أيام صرح خبراء أمريكيون، جاؤوا لمعاينة الطائرة بأنه لم يكن لنا حظ واحد من مليون للوصول بسلام، لكننا وصلنا" يقول ساسيا.