الملك الراحل الحسن الثاني في حديث للصحافة الأجنبية
ساسيا حارس الحسن الثاني يحكي تفاصيل ليلة مرعبة جلجل فيها صوت الرصاص في القصر الملكي بفرنسا
الكاتب :
حسن عين الحياة
حسن عين الحياة
بعد حوالي سنة من نجاة الملك الراحل الحسن الثاني من موت محقق إثر الانقلاب الفاشل الذي قاده الكولونيل اعبابو والجنرال المذبوح بتنسيق مع الجنرال أوفقير بقصر الصخيرات، توجه الملك الراحل بمعية عائلته إلى فرنسا في يوليوز 1972، حاطا رحاله بقصر "بيتر" الواقع بمنطقة "لواز"، وهي إقامة جميلة كان يلجأ إليها الحسن الثاني للراحة، بالنظر إلى توفيرها لكافة شروط الراحة والهدوء والسكينة.
وحسب ما قاله "رايمون ساسيا"، صاحب كتاب "فارس الجنرال"، وأحد أبرز المهندسين الفرنسيين للأمن الخاص بالملك الراحل، والذي يرجع له الفضل أيضا في تنظيم حراسة أمن القصر، كانت الإقامة الملكية بمنطقة "لواز" تحرسها من الداخل كتيبة من الدرك الملكي، ومن الخارج أخرى للدرك الفرنسي، وكانت الكتيبتان معا تعملان تحت إشراف "رايمون ساسيا" الذي قضى سابقا زهاء 10 سنوات كحارس شخصي لرئيس الجمهورية الفرنسية، الجنرال دغول.
كان "ساسيا" خلال تواجد التملك الراحل بالمدينة الفرنسية، على اتصال دائم بوالي منطقة "لواز" وأيضا مع الحسن الثاني، وخلال أيام العطلة تلك حدث أن جرت أحداث كادت أن تتسبب في مواجهة مسلحة بين بعض الجنود الفرنسيين وحراس الملك بالإقامة المذكورة.
ففي هذا اليوم وتحديدا على الساعة الثانية صباحا، سمعت بالإقامة الملكية ذوي الرصاص، أو كما وصفها "ساسيا" زخات من أعيرة نارية، اضطرته إلى الاستيقاظ من النوم. ولأن الرجل مكلف بحماية الملك الراحل الحسن الثاني، فقد سارع إلى الاتصال بالجنرال حسني بنسليمان لاستفسار عما يجري، فأكد له بدوره وقوع إطلاق النار على بعد مسافة قريبة من الإقامة الملكية (حوالي كيلومتر)، مؤكدا له أن عناصر الدرك الملكي تعيش حالة تأهب قصوى داخل الإقامة وبالحديقة، وأنها على استعداد لإطلاق النار، آنذاك سارع ساسيا إلى الاتصال بوالي المنطقة، وهنا يقول "أخبرته بما يجري وأوضحت له أن القصر قد يكون تعرض لهجوم". عندما سمع الوالي ما يجري بالقصر، استيقظ بسرعة ولم يجد ما يعبر به عن قلقه سوى قوله "يا للهول"، مخبراً ساسيا أن هناك مناورات للقوات البرية الفرنسية في غابة "سانياس"، وأنها قد تكون خرجت منها إحدى الفرق عن الحزام لمحدد لها، لتقترب من الإقامة الملكية دون أن تدري بذلك، مؤكدا بأنه حذر رؤساء الجيش من الاقتراب من الإقامة، آنذاك عاد ساسيا ليخبر الجنرال حسني بنسلمان بما يجري.
يقول ساسيا "أسرعت لأخبر بنسليمان والمغاربة قبل أن يردوا ويدخلوا في معركة مع جنود مبتدئين تائهين، لقد كنا قريبين من وقوع كارثة، لأنه لو كان الجنود التائهين قد اقتربوا 500 متر أخرى من القصر، لكان المغاربة قد أطلقوا عليهم النار دون شفقة، ولكم أن تتصوروا المأساة والأزمة التي قد تُخلق". والواقع أن هذا الحدث لو تجاوز فيه الجنود الفرنسيين التائهين الحدود المرسومة لهم، لكانت حياة الملك في خطر، خاصة وأن كل حراسه والجنود المرافقين له كانوا متأهبين، ومستعدين للدخول في معركة من أجل حياة الحسن الثاني وعائلته.
عند الصباح، سأل الملك الراحل الحسن الثاني حارسه ساسيا عما حدث في الليل، فلم يجد ما يجيب به سوى كلمات مطمئنة "زعمت أن الرياح حملت أصداء طلقات نارية بعيدة للجيش الفرنسي الذي يقوم بمناورات" يقول ساسيا.