الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم
الملك الراحل الحسن الثاني

مثير.. "قنَّاص" استهدف حياة الحسن الثاني 5 مرات ببندقية وأصبح رئيسا للرجاء البيضاوي وصديقا للملك

 
حسن عين الحياة
 
مباشرة بعد اغتيال عباس المسعدي في أواخر شهر يونيو سنة 1956، وهو أحد مؤسسي "جيش التحرير" الذي كان آنذاك يخضع لمحاولة تسييس حوالي 10 ألف من رجاله من طرف الراحل المهدي بنبركة، كان ولي العهد الذي سيصبح الحسن الثاني بعد حوالي 5 سنوات قد عاد من القاهرة التي مثل فيها المغرب في الحفلات التي نظمت بمناسبة تأميم شركة قناة السويس.
كان المغرب آنذاك قد حصل للتو على استقلال مُكلف، وكان لابد لولي العهد مولاي الحسن الذي شارك والده السلطان في عدة قضايا سياسية، أن يحرك بمفرده بعض الملفات كنوع من الاستئناس بفن الحكم، لذلك فعندما عاد مولاي الحسن إلى المغرب قادما إليها من القاهرة وجد في انتظاره الوزير الأول آنذاك مبارك البكاي أسفل الطائرة، مخبراً إياه أن والده الملك محمد الخامس في انتظاره، مستعجلا إياه في الأمر.
بالفناء الفسيح للقصر الملكي وجد الأمير مولاي الحسن والده جالسا ينتظر قدومه، وعلى الرغم من معاناة ابنه من تعب السفر إلا أنه طلب منه بألا يفتح حقائبه إلا بعد أن يتوجه إلى مدينة فاس لاتخاذ ما صفه الملك الراحل الحسن الثاني في حواره المطول مع الصحافي الفرنسي "إيريك لوران" بالإجراءات اللازمة، لأن جيش التحرير الذي لم يكن آنذاك منضبط يزحف إلى مدينة فاس.
لبى الابن رغبة والده، ولم يتوقف إلا بالعاصمة العلمية للمملكة رفقة أول وزير للداخلية آنذاك إدريس المحمدي، كان الغرض وقتها، حسب الملك الراحل، هو البحث عن شخص يدعى "حجاج" مشتبه في كونه قاتل المسعدي.
يقول الحسن الثاني "كنا بصدد البحث عن المدعو حجاج المشتبه في كونه قاتل المسعدي، وقد ألقي عليه القبض يوما وهو مستلق على بطنه في أحد الحقول وبين يديه بندقية مجهزة بنظارة".
لم يكن الملك الراحل وهو ولي للعهد، يدري أنه كان يبحث عن رجل ترصده أكثر من مرة ببندقيته، وكان قاب قوسين أو أدنى من تصفيته قبل تسلمه زمام الحكم خلفا لوالده السلطان محمد الخامس. إنها لمفارقة غريبة، أن يضع المخزن آنذاك بين يدي "مولاي الحسن" رجلا لم يكن قد مشتبها بقتل عباس المسعدي فحسب، بل حاول وضع حد لحياة من سيصبح ملكا للمغرب.
يقول الحسن الثاني عن هذه الواقعة "لقد كنت على بعد ستين متراً منه.. أسوق سيارة جيب في أحد المنعرجات، ولقد كان يستهدفني، وحين جيء به إلي بادرني قائلا: (عندما كنتم تصعدون العقبة ممتطين سيارتكم، استهدفتكم خمس مرات، من خلال نظارة بندقيتي، وكان أصبعي على الزناد، لكنني عجزت كل مرة عن الضغط وكأن قوة ما كانت تمنعني..".
وعلى عكس حكم الإعدام الذي أصدره الملك الراحل في حق الانقلابيين المباشرين في محاولتي 1971 و1972، عفا الراحل الحسن الثاني عن من كان على أهبة وضع حد لحياته، لقد قال الملك محمد الخامس لوريث عرشه آنذاك "هذا الشاب الذي كاد يقتلكم يوجد الآن في قبضة يدكم، ترى ما أنتم فاعلون به؟"، ليجيبه الحسن الثاني "لا أواخذه بل أعفو عنه"، حيث أصبح الرجل بعد ذلك رئيسا لفريق الرجاء البيضاوي. يقول الحسن الثاني في كتابه "ذاكرة ملك" في كل مرة كان ينظم فيها كأس العرش.. كان يتقدم للسلام عليَّ بحرارة، لقد توفي.. وأنا آسف عليه بحرارة"، لأن صداقة متينة أصبحت تربط الملك الراحل بمن حاول قتله.