حصيلة 14 شهرا من احتلال المتصرف المؤقت.. هذا ما جناه الوزير اليتيم المخلوع على تعاضدية الموظفين
الكاتب :
"الغد 24"
نجيب الخريشي
ونحن نعدُّ الأيام التي تمر، والتي تعدّت أكثر من 14 شهرا على حل أجهزة التعاضدية العامة لموظفي الادارات العمومية بقرار سياسوي مقيت في آخر عمر الحكومة الأولى للعثماني، التي غادرها وزير التشغيل يتيم، الذي ربط ذهابه بحل المجلس الإداري للتعاضدية العامة، في سابقة خطيرة، إذ كان هذا شططا في السلطة واستقواء بها ما دام أنه كان دون سند قانوني قوي، ودون قرائن واضحة، وبالاعتماد على تقرير لمؤسسة لم يخوّل لها القانون لا من قريب ولا من بعيد لعب دور المفتشية العامة للمالية، ولا سمحت لها القوانين بأن تكون تقاريرها تفتيشية ولا حتى إفتحاصية، بل منحها مهمة نبيلة هي توجيه مؤسسات التأمين والحماية الاجتماعية لاكتساب خدمات جيدة وبأثمان مناسبة، وأن تسهر على أن تقف على تجويد هذه الخدمات.
من 3 أشهر إلى احتلال دام 14 شهرا
في الوقت، الذي كان على مطبقي القرار، ومنهم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني، أن يسهروا على تنظيم انتخابات في ظرف ثلاثة أشهر، كما يقر بذلك ظهير 1963 المنظم للتعاضد، دون اجتهادات خاوية لتمطيط هذه المدة من أي جهة كانت، إلاّ أن الشطط في السلطة أعمى أعينهم ودفعهم، بعد تسلّم وزارة الشغل والإدماج المهني، عبر المتصرف المؤقت، زمام الأمور بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، (دفعهم) إلى عدم المبالاة بالفضيحة المدوية والمزلزلة، التى أثيرت حول تطبيق الفصل 26 فى حق اعضاء المجلس الإداري الشرعيين، مما جعل الجميع ينتظر، ومعه كل المتتبعين للشأن التعاضدي ببلادنا عموما والمنخرطين بصفة خاصة، أقول الكل يترقب وينتظر من المحتل المتصرف المؤقت تقديم حصيلة الإنجازات التي تحققت في التعاضدية العامة خلال فترة 14 شهرا، التي تقمّص فيها، بدون سند قانوني، دور المجلس الإداري والمكتب المسير، والتي كان فيها المسيطر الوحيد وبدون منازع على جميع الصلاحيات الإدارية والمالية والمصرفية لهذه المؤسسة!؟
ونود كذلك إحاطتنا علما بالآفاق المستقبلية، التي ستتحقق على المدى القريب والبعيد. وهو الشيء الذي لا يستطيعون فعله لأنهم يعملون خارج القانون، ولأنهم "جابوا كاو" للمؤسسة خدماتيا، ومازال العاطي يعطي...
وزير مخلوع ومتناضلون لتصفية تجربة رائدة
الآن وقد ظهرت الحقيقة ساطعة، وبما لا يدع مجالا للشك، وحتى أُوفّر على من سبق ذكرهم الجهد والوقت معا، أرى، من وجهة المتتبعين والمستفيدين والمتعاملين، وتجميع ملاحظات المعنيين وعدد من المنخرطين النزهاء، الذين يعود لهم الفضل في بلورة هذا الملف، (أرى) أن هؤلاء المحتلين المتسلطين، ومعهم كل من أساء للتعاضدية العامة، إما عن سبق إصرار وترصد، أو بدافع الحصول على بعض الفتات من الإامتيازات المادية أو العينية، أو بدافع الحصول على بعض المصالح الشخصية والأنانية أو النقابوية أو الحزبوية، كل هؤلاء مطالبون وبإلحاح بحل أفواههم، وبطريقة رسمية، وأمام المنخرطين والمنخرطات أولا، والمجتمع المغربي ثانيا، ليعترفوا بتورطهم المباشر وغير المباشر في هذا الملف، وتسرعهم المفرط بدافع الحقد والبغض في اتخاذ قرار حل الأجهزة المسيرة للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، والاعتراف (ومن لم يعترف بذنبه فهو ولد الحرام مقطر) بأن وزير التشغيل المخلوع محمد يتيم قد ورطهم في هذا الملف، الذي فبركه مع مجموعة من المتناضلين في غياهب الكواليس والدهاليز، حيث كان يعرف أكثر من غيره بأنه مجرد تصفية حسابات ونفث الأحقاد والسموم لتصفية تجربة ناجحة في عالم العمل التعاضدي وطنيا وإفريقيا ودوليا؛ والاعتراف كذلك للمنخرطين بأن التعاضدية العامة كانت بمثابة كبش فداء أثناء التعديل الحكومي، وهدية الوداع لإرضاء نزوات وشهوات المتأزم والمحبط للوزير المعزول يتيم، وهو يغادر سفينة الحكومة بخفي حنين دون ترك أية بصمة تؤرخ لمروره من وزارة التشغيل سوى الزلات والفضائح الأخلاقية والأسرية والجنسية، التي أثار بها غضب الشعب؛ وتم كذلك فى نفس الوقت توريط وزارة المالية فى هذا الملف، الشيء الذي يستغربه المتتبعون، الذين لم يجدوا له أي تبرير سوى "كم كان ثمن الصفقة وبشحال طاحت عليهم وشحال كل واحد شد فيها"...
حصيلة 14 شهرا من احتلال التعاضدية
لو تجرأ المحتلون للتعاضدية العامة وهم المتصرفون المؤقتون وقرروا تقديم حصيلة 14 شهرا من تسييرهم للتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية ستكون الحصيلة على الشكل التالي:
♦ إغلاق مركزي أمل للأطفال فى وضعية إعاقة بكل من الرباط وأكادير وترك هذه الفئة (التى تحظى عند ملك البلاد برعاية خاصة) تندب حظها المتعثر وتواجه مصيرها المظلم فى ظل معاناة أسر هؤلاء الأطفال التى تناشد القلوب الرحيمة لمؤازرتها فى هذه الظروف العسيرة...
♦ الإجهاز على خدمات الشامل المجانية، التي كانت موجهة لحل المعضلات الصحية، التي يتعرض إليها المواطن، وعقد عليها منخرطو التعاضدية العامة من المرابطين، بحكم عملهم، فى المناطق البعيدة عن مراكز العلاجات الصحية آمالا كبيرة لا توصف لفك العزلة ووعثاء التنقّل التى كانت ترهقهم ماديا وتهدر وقتهم وتفاقم من معاناتهم المرضية...
♦ تحقير قسم الشكايات وغلق مركز النداء، الذي كان يتكلف بالإرشاد والإجابة السريعة عن تساؤلات المنخرطين دون الحاجة للتنقل...
♦ تقزيم دور أكثر من 57 مركزا للقرب تم افتتاحها بالعمالات والأقاليم الناشئة بشراكة مع عمال صاحب الجلالة والمنتخبين بمبدأ رابح رابح يتم بموجب هذه الشراكات توفير التجهيزات الإلكترونية من طرف التعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية، في حين تتكلف العمالة بتوفير المقر وتوفير الموظفين والربط بشبكة الماء والكهرباء بصفر درهم، بمعنى أن التعاضدية لا تتحمّل مصاريف لا الاقتناء ولا الكراء ولا الأجور...
♦ تعطيل جميع الخدمات الطبية، التى كانت التعاضدية توفرها للمنخرطين بالمركز وفى عدة مدن وبأثمنة تحترم التسعيرة المرجعية.
♦ تعطيل العمل بالبرامج الطبية المتوفرة على عدة اختصاصات والمتنقلة والتي كانت تجوب جميع ربوع المملكة على مدار السنة لتقريب الخدمات الصحية من المنخرطين وذوي حقوقهم والفئات المعوزة كل ذلك بشراكة مع المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير وبمساهمة السلطات المحلية.
♦ تراكم الملفات المرضية بالرفوف إلى درجة أصبح الكثير منها متلفا أو غير مصفى..
♦ تسريح الأطر الإدارية الكُفُؤة التي لا تقبل الاشتغال في الفوضى والانصياع للقرارات الغير قانونية.
♦ خلق البلبلة وعدم الاستقرار داخل المستخدمين وذلك عبر التنقيلات التعسفية وكذلك عبر التعيين او الإقصاء من مواقع المسؤولية تحت مبدأ الزبونية والمحسوبية.
♦ عدم اتخاذ قرارات جريئة للحد من تفشي وباء كوفيد 19 المستجد فى صفوف المستخدمين.
♦ صرف التعويضات السنوية للأطر والمستخدمين بمزاجية لا ترتكز على أي منطق.
آن أوان تدخل من السلطات العليا لإنقاذ التعاضدية من الدمار
هذا جزء يسير من حصيلة 14 شهرا من تسيير المتصرف المؤقت وما خفي كان أعظم...
هكذا يظهر لكل المتتبعين الوضع الكارثي، الذي وصلت إليه التعاضدية العامة حاليا والذي ينذر بمزيد من التقهقر والاندحار في الأيام المقبلة، مما يتطلب من الجميع ومن له الغيرة على الميدان الاجتماعي بصفة عامة، والشأن التعاضدي بصفة خاصة، عدم الانتظار والاكتفاء بالوقوف كمتفرجين إلى أن تقع الفأس في الرأس؛ وعليهم الإقرار بأن الوضع بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية سيء جدا ولا يحتمل التسويف، بل يتطلب التدخل الحازم لإرجاع الأمور إلى نصابها والإقرار كذلك بضرورة إنصاف ورد الاعتبار لأعضاء المجلس الإداري الذي تم حله بدون موجب حق، وبقرار سياسوي مقيت؛ هذا المجلس الذي قفز بالتعاضدية العامة لموظفي الإدارات العمومية في ظرف عقد من الزمن من مؤسسة مفلسة تلفظ أنفاسها الأخيرة إلى مراتب العالمية، إن المجلس الإداري المذكور، رئيسا وأعضاء، يستحقون بدون تحيز تكريمهم والاعتراف بالمجهودات، التي بذلوها خدمة للتعاضد الوطني ولتعريف وتسويق النموذج المغربي فى مجال التعاضد قاريا ودوليا.
لقد آن أوان تدخل من السلطات العليا لإرجاع الأمور إلى نصابها والقاطرة إلى سكتها وإعادة الاعتبار للمجلس الإداري، الذي مورس عليه الشطط في السلطة، باعتبار هذا التدخل فرصة لإنقاذ مؤسسة رائدة باتت تعيش الآن على إيقاع الدمار المحقق...