الغد 24 خبر الغد تقرأه اليوم

في عيد النساء التونسيات.. آمنة الشرقي مهددة بالسجن وراشد الغنوشي يُقْبر مشروع الحريات والمساوة

 
أحمد نشاطي
 
 
تحتفل تونس الشقيقة، أو بالأحرى أحرار تونس باستثناء طيور الظلام، اليوم الخميس 13 غشت 2020، باليوم الوطني للمرأة التونسية، الذي يوافق الذكرى 64 لإصدار مجلة الأحوال الشخصية، التي جاءت في سياق تأسيس الدولة الوطنية كتتويج لنضالات المرأة التونسية، وعموم الشعب التونسي، من أجل الحرية والمساواة والعدالة...
 
راشد الغنوشي القيادي الإخواني الكاذب مثل جميع الإسلامويين والذي كان أقسم بأغلظ الإيمان أنه لن يتولى أي منصب في الدولة وفي أول فرصة "كمش" على رئاسة البرلمان
 
لكن احتفال هذه السنة تخيم عليه أجواء الظلام، في ظل محاولات إخوان حركة النهضة الهيمنة على الحياة السياسية، بكل وسائل الفساد والاستبداد، ما دعا أغلبية مكونات البرلمان التونسي إلى التحرك والانتفاض في خطوة لسحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، القيادي الإخواني الكاذب، مثل جميع الإسلامويين، والذي كان أقسم بأغلظ الإيمان أنه لن يتولى أي منصب في الدولة، وفي أول فرصة "كمش" على رئاسة البرلمان، وبدأ يتجاوز مسؤوليته وصلاحياته ليشرع في بيع مؤسسات تونس لـ"الخليفة العثماني" رجب طيب أردوغان، وكانت هذه واحدة من عوامل الانتفاضة عليه داخل البرلمان...
 
وعلى هذا المسار، شرع إخوان النهضة في المس المتدرج بكل ما حققته النساء التونسيات، اللائي يتوفرن على مسيرة عريقة وإرث نضالي شامخ من أجل توسيع الحقوق والمكتسبات والحريات والمساواة، مما جعلهن يصطدمن بكل أنواع العراقيل والعقبات، منذ تولي القيادي الظلامي راشد الغنوشي رئاسة البرلمان، إذ كان أول ما قام به هو إقبار كل النصوص ذات الصلة بتعزيز وتطوير منظومة الحريات وتكريس المساواة الكاملة بين الجنسين، وفي مقدمتها النصوص، التي كان تركها، قبل خمس سنوات، الرئيس الراحل الباجي قائد السبسي، الشيء الذي جعل "مشاريع المساواة والحريات"، تُدفن قسرا رغم كل الاحتجاجات والمطالبات، وفي مقدمتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، التي بحّ صوتها، دون جدوى، بالنداءات إلى السلطات من أجل إعادة فتح نقاش حول مشروع قانون المساواة في الميراث والحريات الفردية وغيرها من الحقوق النسائية، المواطنية والإنسانية...
 
شرع إخوان النهضة في المس المتدرج بكل ما حققته النساء التونسيات اللائي يتوفرن على مسيرة عريقة وإرث نضالي شامخ من أجل توسيع الحقوق والمكتسبات والحريات والمساواة
 
والنتيجة، أنه في هذا المناخ، الذي يكتم فيه ظلاميو إخوان النهضة على أنفاس التونسيين، باتت العديد من الحقوق والمكتسبات مهددة بالانتكاس، ولعل أقرب وآخر نموذج لهذه الانتكاسات المقبلة، حالة المدونة التونسية آمنة الشرقي، التي مارست حقا بسيطا جدا في حرية التعبير، فإذا بها تتحول إلى "مشروع مجرمة" مهددة بالسجن والغرامة...
 
إن ما تعيشه تونس، اليوم، هو نوع من إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، هو بداية الانتكاسات على مستوى الحقوق والحريات، هو استهدافات ممنهجة لكل التراث التقدمي لتونس التاريخية، ولكل مبادئ ومكاسب الثورة، التي سطا عليها إخوان النهضة، إلى درجة أن ما يحصل حاليا للمدونة آمنة الشرقي بمثابة كابوس، لم يسبق لتونس أن عاشت مثيلا له، حتى أصبحت النيابة العامة التونسية، والقضاء التونسي، في أحضان الفعل الداعشي بتدبير إخواني...
 
فقبل يوم واحد من مثل هذا اليوم من الشهر المنصرم، يوم الثلاثاء 14 يوليوز 2020، حكمت المحكمة الابتدائية بتونس العاصمة على آمنة الشرقي بعقوبة السجن ستة أشهر بتهمة "الدعوة والتحريض على الكراهية بين الأديان والأجناس والسكان، والنيل من الشعائر الدينية"... كل هذا لمجرد مشاركتها على صفحتها في الفايسبوك صورة شبيهة بآية قرآنية، ورغم أنها حذفتها في اليوم نفسه...
 
آخر نموذج للانتكاسات التي باتت تعترض حقوق النساء حالة المدونة التونسية آمنة الشرقي التي مارست حقها في حرية التعبير فإذا بها تتحول إلى "مشروع مجرمة" مهددة بالسجن
 
النيابة العامة، التي حرّكت هذه القضية، لم تر إلا آمنة الشرقي، ولم تر ما تتعرض له، منذ ذلك اليوم، وإلى حدود هذا اليوم، 13 غشت 2020، من سب وشتم، ومن تكفير وتهديد بالقتل والذبح والاغتصاب، عشرات التهديدات كلها موثقة، وشخصيا لدي منها أزيد من 50 صورة عن هذه التهديدات الإجرامية، لكن النيابة العامة، والقضاء، لا يتحركان، لقد تحركا باستعجال ضد مدونة فايسبوكية، ولم يحركهما سيل من التهديدات الإرهابية التي مازالت متواصلة ضد آمنة الشرقي، التي صُدمت أيما صدمة، خصوصا بالحكم "العجيب"، إلى درجة أنها لم تنم ليلة صدور ذلك الحكم "الغريب"، وكتبت آمنة على صفحتها بلهجتها التونسية: "محبش ايجيني النوم... نخمم في مصيري... حياتي... التوا توصلني ميساجات تهديد بالقتل والذبح من بارشا بلدان عربية... مهددة بالسجن... تنقيلة داري... وضعي... كيفاه بش يجيني النوم مبعد هذا؟ كيفاه بش نرقد مرتاحة؟ صعيب.. تونس تقتل آمال وأحلام الشباب وزدت تأكدت أكثر... هذا كلو على منشور فايسبوكي ندخل للحبس؟ واللي يهددو فيا بالقتل مش هوما المجرمين؟ ماتحركتلهمش بلادي... بلادي اللي تقتل فينا عرق عرق..."...
 
 
ولأن بلادها لم تتحرك أمام كل تلك التهديدات الإرهابية، قررت المدونة آمنة الشرقي أن تعيد نشر "سورة كورونا" على صفحتها، لعل بلادها تعاود الانتباه إليها، فتدرك حجم التهديدات الإجرامية المحدقة بها...
 
لذلك يحق لكل التوانسة الأحرار أن يعبروا عن قلقهم مما يجري، وعن غضبهم، كما يحق لكل المغاربة الأحرار أن يشاطروهم الغضب، إذ إن مصير ما يجري في تونس يقترب إلى المغرب، في ظل ما تعرفه العديد من المؤسسات من تنامي تسلّلات وتسربات الإخوان، وتزايد العياشة من مرتزقة اليسار، الذين تسيل ريوقهم على ريع الامتيازات، فتحوّلوا إلى خدم وحشم في حضرة طيور الظلام...
 
كل التضامن مع آمنة الشرقي، ومع كل النساء التونسيات المناضلات، مع أصدق التمنيات بأن تأتي الذكرى 65 لعيد المرأة التونسية وهي متحررة من وجوه الظلام، ويكون يوما للفرح، للاحتفال الحقيقي، يطلقن فيه زغرودة بهية، ونغني معهن ومع كل أحرار بلد الياسمين: هذا هو العرس التونسي، هذا هو العرس الديمقراطي، والشعبي...